1 2 3 4 5

الدرسُ الثالثُ - الخطوةُ الثالثةُ

البابُ الثاني        التفاعيلُ
الدّرسُ الثالثُ       الخطوةُ الثالثةُ:التّفاعيلُ
مقدّمةٌ:
قبلَ البدءِ في شرحِ معنى التفاعيلِ والانتقالِ إلى الخطوةِ الثالثةِ، على الطالبِ حلُّ جميعِ تمارينِ وأسئلةِ درسِ الأسبابِ والأوتادِ.
سنرى الآن كيف تقودنا الأسبابُ والأوتادُ إلى معرفةِ التفاعيلِ ومعنى الوزنِ والعَروضِ.
لِـنأخذَ كلمةً مؤلفةً من سببٍ خفيفٍ ووتِدٍ مجموعٍ مثلَ: (حَاكِمٌ أو فَـيْــصَــلٌ أو فِي الهوى)،
فجميعُ الكلماتِ السابقةِ تشتركُ في كونها مؤلفةً من سببٍ خفيفٍ ووتِدٍ مجموعٍ وتختلف في الحروفِ والحركاتِ كما في التحليل التّالي:
[حا]@ سببٌ خفيفٌ+ [كِمُنْ]@ وتِدٌ مجموعٌ، [فَيْ]@ سببٌ خفيفٌ + [صَلُنْ]@ وتِدٌ مجموعٌ، [فِلْ]@ سببٌ خفيفٌ + [هَوَى]@ وتِدٌ مجموعٌ
فحركةُ الحرفِ الأول من السببِ [(حَا)]@ من كلمة (حَاكِمٌ) هي الفتحةُ وكذلك حركةُ الفاءِ من السببِ [(فَيْ)]@ من كلمةِ (فَيصَلٌ)
ولكنها كسرةٌ في السببِ [(فِلْ)]@ من جملةِ (فِي الهوى)،
إذن نستنتج من ذلك أن اختلافَ حركاتِ الحرفِ الأولِ من السببِ الخفيفِ لا يُغيّرُ من وزنِ السببِ،
وننظر الآنَ إلى حركاتِ حروفِ الوتدِ في الكلماتِ الثلاثةِ،
فالوتدُ المجموعُ [(كِـمُنْ)]@ من كلمةِ (حاكِمٌ)، تجدُ حركةَ الكسرةِ والضمّةِ والسكونِ على حروفهِ،
بينما تجد في الوتِدِ المجموعِ [(صَلُنْ)]@ من كلمةِ (فَيصَلٌ) الفتحةَ والضمّةَ والسكونَ،
وتجد فتحتين وسكونًا على الوتِدِ [(هَوَى)]@ من جملةِ (في الهوى).
إذن اختلافُ حركاتِ الحروفِ المكوّنةِ للأسبابِ والأوتادِ في الكلماتِ لا يمنعها من التماثلِ والتشابهِ في وزنها العَروضيِّ،
فنقول ُ أن هذه الكلماتِ متماثلةٌ في الوزنِ العروضيّ، لأنّ موقعَ الحرفِ المتحركِ والساكنِ في الكلماتِ الثلاثةِ متشابهٌ،
ولو استمعنا إلى لفظِ الكلماتِ الثلاثة جيدًا لسمعنا موسيقًى واحدةً.
الخطوةُ الثالثةُ:
تذكرون من الدروسِ السابقةِ، أن تبسيطَ علمِ العَروضِ بمعرفةِ المتحركِ والساكنِ تمّ على خطوتينِ:
الأولى هي ترميزُ المتحركِ والساكنِ بالخطِّ المائلِ والدائرةِ، والخطوةِ الثانيةِ بتحويلِ الرموزِ إلى أسبابٍ وأوتادٍ؛
صحيحٌ أن الأسبابَ والأوتادَ سهّـلت عمليةَ فَهمِنا لمعنى العَروضِ
ولكننا لا نستطيع حفظَ ترتيبِها في الذّاكرةِ وهي متنوعةٌ بالعشراتِ في البيتِ الشّعريِّ الواحدِ؟ ومن هنا نبدأ بالخطوةِ الثالثةِ:
ابتكر الخليلُ طريقةً للتعبيرِ عن وزنِ جميعِ الكلماتِ المؤلــَّــفةِ من سببٍ خفيفٍ ووتدٍ مجموعٍ،كما هي في الكلماتِ التي مرّت سابقًا
(حاكمٌ ، فيصلٌ ، في الهوى) وبيّنَ أنها جميعًا على وزنِ فاعِلُن،
حيثُ تمثّلُ [(فا)]@ السَببَ (أيَّ سببٍ خفيفٍ) وتمثّلُ [(عِلُنْ)]@ الوتدَ (أيّ وتدٍ مجموعٍ)،
وأطلق عليها اسمَ التفعيلةِ فاعِلُنْ و سيُصبحُ مجموعُ السببِ الخفيفِ والوتدِ المجموعِ هو فاعِلنْ في دراستنا هذه.
إذن بدلَ قولِ: إن العروضَ هو توالي الأسبابِ والأوتادِ حسَبَ نظامٍ معيّنٍ نستطيع القولَ إن العَروضَ هو توالي التفاعيلِ حسَبَ نظامِ معيّنٍ.
وكذلك تسمّى التفاعيلُ أجزاءً، وأركانًا، وأوزانًا.
ولكن لماذا فاعِلُنْ وليس اسمًا آخرَ؟
وضعَ الفراهيديُّ هذا الاسمَ لما لهُ من علاقةٍ بالأحرفِ المستعملةِ في علمِ الصرفِ في اللغةِ العربيةِ
وهي حروفُ (اللامُ، الميمُ، العينُ، التاءُ، السينُ، الياءُ، الواوُ، الفاءُ، النونُ والألفُ)
ولسهولةِ حفظها جُمعت هذه الاحرفُ بعبارةِ (لمعت سيوفنا)،
ولا يحتّم الميزانُ العروضيُّ تماثلَ الحركاتِ مثلَ الميزانِ الصرفيِّ وإنما ما يحكمُهُ هو موقعُ الحرفِ المتحركِ والساكنِ
بغضِّ النظر عن نوعِ الحركة كما بيّنا، وتسمّى هذه الأحرفُ بأحرفِ التّقطيعِ.
إنّ عددَ هذه التفاعيلِ عشَرةٌ، والتي تولّدت من المتوالياتِ المتنوعةِ لمجموعِ الأسبابِ والأوتادِ.
وماذا سمّى التفعيلةَ المؤلفةَ من وتِدٍ مجموعٍ + سببٍ خفيفٍ؟
لقد سمّاها الفراهيديّ فَعُولُنْ. مثلُ: مُريدٌ [(مُرِيْدُنْ)]@، سألْتُ الـْ [(سَاَلْتُلْ)]@، جهولٌ [(جَهُوْلُنْ)]@
وماذا سمّى التفعيلةَ المؤلفةَ من: وتِدٍ مجموعٍ + سببٍ خفيفٍ+ سببٍ خفيفٍ ؟
لقد سمّاها الفراهيديّ مَفاعِيْلُنْ. مثلُ: قناديلٌ [(قَنَا دِيْ لُنْ)]@، هوَ الباري [(هُوَلْ بَارِيْ)]@، سلامٌ لِلـْ [(سَلا مُنْ لِلْ)]@.
وماذا سمّى التفعيلةَ المؤلفةَ من وتدٍ مجموعٍ + سببٍ ثقيلٍ + سببٍ خفيفٍ؟
لقد سمّاها الفراهيديّ مُفاعَـلَتُنْ مثلُ مُعاتِبَةٌ [(مُعَاتِـبَتُـنْ)]@، مُرادُهُمُ [(مرادُهُمُوْ)]@.
وماذا سمّى التفعيلةَ المؤلفةَ من سببٍ خفيفٍ + سببٍ خفيفٍ + وتِدٍ مجموعٍ؟
لقد سمّاها الفراهيديّ مُسْتَفْعِلُنْ. مثلُ: [قَالا لَهُو]@، عادَ الورى [(عا دَلْ وَرَى)]@.
وماذا سمّى التفعيلةَ المؤلفةَ من: سببٍ ثقيلٍ + سببٍ خفيفٍ + وتِدٍ مجموعٍ؟
لقد سمّاها الفراهيديّ مُتَفَاعِلُنْ. مثلُ: مُتَسامحٌ [(مُتَسا مِحُنْ)]@، فَيُعِيبُهُ [(فَيُعِيْـبُهُوْ)]@.
وماذا سمّى التفعيلةَ المؤلفةَ من: سببٍ خفيفٍ + وتِدٍ مجموعٍ +سببٍ خفيفٍ؟
لقد سمّاها الفراهيديّ فاعِلاتُنْ. مثلُ: سَابِحاتٌ [(سابحاتُنْ)]@، [الغَوانِيْ]@.
وماذا سمّى التفعيلةَ المؤلفةَ من: سببٍ خفيفٍ + سببٍ خفيفٍ + وتِدٍ مفروقٍ؟
لقد سمّاها الفراهيديّ (مَفعولاتُ). مثلُ: [الأسْماءُ]@، [مرْهوْناتُ]@.
وأضاف تفعيلتي (مُسْ تَفعِ لُن) و (فاعِ لا تُنْ) اللتينِ تشبهانِ (مسْ تفْ عِلُنْ) و (فاعِلاتُن) على التوالي في ترتيبِ الحروفِ المتحركةِ والساكنةِ،
ولكنهما تختلفان في ترتيبِ الأسبابِ والأوتادِ وسيأتي شرحهما لاحقًا.
لاحظ أن التفاعيلَ العشرةَ إما خمسةُ أحرفٍ (فعولنْ، فاعلُنْ)
أو سبعةُ أحرفٍ (مفاعيلنُ، مفاعَلتُنْ، فاعِ لا تُن، مُسْتفْعِلُنْ، متَـفاعِلُن، فاعِلاتُنْ، مفعولاتُ، مُسْ تَفعِ لُنْ)،
كما يقسّم العروضيونَ التفاعيلَ على نهجٍ آخر،
فيقولون: إن التفاعيلَ تتركبُ من أصولٍ وفروعٍ، فالأصولُ أربعةٌ، وهي كلُّ تفعيلةٍ بُدِئت بوتدٍ مجموعٍ أو مفروقٍ وهي:
أولًا: فَـعُولُنْ [(//0 /0)]#، وتتركّبُ من وتدٍ مجموعٍ [(فَعُوْ)]@ ، وسببٍ خفيفٍ[(لُنْ)]@.
ثانيًا: مَفاعِيـلُنْ [(//0 /0 /0)]#، وتتركّبُ من وتدٍ مجموعٍ (مَفَا)، وسببينِ خفيفينِ (عِيْ لُنْ).
ثالثًا: مُفاعَـلَـتُنْ [(//0 /0 /0)]#، وتتركّبُ من وتدٍ مجموعٍ [(مُفَا)]@، وسببٍ ثقيلٍ [(عَلَ)]@، وسببٍ خفيفٍ [(تُـنْ)]@.
رابعًا: فَاعِ لاتُـنْ [(/0/ /0 /0)]#، وتتركّبُ من وتدٍ مفروقٍ [(فَاعِ)]@، وسببينِ خفيفينِ [(لا تُنْ)]@،
وهي تختلفُ عن (فا عِلاتُن) التي تتركّبُ من سببٍ خفيفٍ، ووتدٍ مجموعٍ، وسببٍ خفيفٍ، فانتبه.
والفروعُ ستةٌ، وهي كلُّ تفعيلةٍ بُدِئت بسببٍ خفيفًا كان أو ثقيلًا، وهي:
أولًا: فاعِـلُنْ [(/0 //0)]#، وتتركّبُ من سببٍ خفيفٍ [(فَا)]@، ووتدٍ مجموعٍ [(عِلُنْ)]@.
ثانيًا: مُسْـتَـفْعِلُنْ [(/0 /0 //0)]#، وتتركّبُ من سببينِ خفيفينِ [(مُسْ تَفْ)]@، ووتدٍ مجموعٍ [(عِلُنْ)]@.
ثالثًا: فا عِلاتُنْ [(/0 //0 /0)]#، وتتركّبُ من سببٍ خفيفٍ [(فَا)]@، ووتدٍ مجموعٍ [(عِلا)]@، وسببٍ خفيفٍ [(تُنْ)]@،
وهي تختلف عن (فاعِ لاتُنْ) التي تبدأ بوتدٍ مفروقٍ فانتبه أيضًا.
رابعًا: مُتَفاعِلُنْ [(// /0 //0)]#، وتتركّبُ من سببٍ ثقيلٍ [(مُتَ)]@، وسببٍ خفيفٍ [(فَا)]@، ووتدٍ مجموعٍ [(عِلُنْ)]@.
خامسًا: مَفْعُوْلاتُ [(/0 /0 /0/)]#، وتتركّبُ من سببينِ خفيفينِ [(مَفْ عُوْ)]@، ووتدٍ مفروقٍ [(لاتُ)]@.
سادسًا: مُسْتَفْعِ لُنْ [(/0 /0/ /0)]#، وتتركّبُ من سببٍ خفيفٍ [(مُسْ)]@، ووتدٍ مفروقٍ [(تَفْعِ)]@،وسببٍ خفيفٍ [(لُنْ)]@.
تنبيهٌ ثانٍ:
الفرقُ بين (فَاعِلاتُنْ) و (فَاعِ لاتُنْ)، أن الأولى تتألفُ من سببين خفيفينِ [(فَا + تُنْ)]@ بينهما وتدٌ مجموعٌ [(عِلا)]@
بينما تتألف الثانيةُ من وتدٍ مفروقٍ [(فَاعِ)]@ فسببينِ خفيفينِ [(لا + تُنْ)]@، وسترى الفرقَ بينهما عند دراستنا للزِّحافاتِ والبحورِ.
والفرقُ بين (مُسْتَفْعِ لُنْ) و (مُسْتَفْ عِلُنْ) أن الأولى تتألف من سببينِ خفيفينِ [(مُسْ + لُنْ)]@ بينهما وتدٌ مفروقٌ [(تَفْعِ)]@
بينما تتألف الثانيةُ من سببينِ خفيفينِ [(مُسْ + تَفْ)]@ يليهِما وتدٌ مجموعٌ [(عِلُنْ)]@ فانتبه أيضًا.
تلخيصٌ أخيرٌ:
1-التفاعيلُ هي وَحَداتٌ وزنيّةٌ مؤلفةٌ من جمعِ الأسبابِ والأوتادِ بترتيباتٍ مختلفةٍ.
2- التفاعيلُ عشرُ، اثنتان خماسيتانِ وثمانٍ سباعيةٌ.
3- تنقسم التفاعيلُ إلى أصولٍ وهي التي تبدأ بوتدٍ مجموعٍ أو مفروقٍ وعددها أربعُ، وفروعٍ وهي التي تبدأ بسببٍ خفيفٍ أو ثقيلٍ وعددها ستُّ.
4- العروضُ هو توالي التفعيلاتِ (أو الأجزاءِ) حسَبَ ترتيبٍ معيّنٍ، فتتشكّل منها البحورُ الستةَ عشرَ.
قم بتسجيل الدخول أو الاشتراك بالدورة مجاناً لتحتفظ بتقدمك في الدورة وحل التمارين ومعرفة درجاتك.